الالتحام الجزيئي هو طريقة تتنبأ بكيفية ارتباط المركبات الكيميائية، وخصوصا العضوية منها، مع البروتين. يستخدم الالتحام الجزيئي على نطاق واسع في تصميم الأدوية القائمة على الهيكل ، حيث يمكن أن يساعد في تحديد الأدوية المحتملة لعلاج مرض معين. في هذه المقالة ، سأشرح المبادئ الأساسية للالتحام الجزيئي ، والتحديات والتطورات في هذا المجال ، وتطبيقاتها في اكتشاف الأدوية.
يمكن اعتبار الالتحام الجزيئي طريقة حسابية لايجاد أفضل ملاءمة من حيث الشكل بين القفل (البروتين) والمفتاح (المركب الكيميائي).
الهدف من الالتحام الجزيئي هو العثور على الوضعية الأكثر واقعية بين المركب الكيميائي والبروتين عندما يكونان مرتبطين ببعضهما البعض ، وهو ما يسمى أيضا وضع الربط. يحدد وضع الربط قوة ونوع التفاعلات بين المركب الكيميائي والبروتين داخل موقع الارتباط على البروتين.
يتضمن الالتحام الجزيئي خطوتين رئيسيتين هما البحث والتسجيل.
البحث هو عملية استكشاف الوضعيات المحتملة للمركب تحت الدراسة في موقع ربط البروتين ، وهو مساحة عالية الأبعاد تتمتع بدرجات عديدة من الحرية ، في حين أن التسجيل هو عملية تقييم كل وضع من خلال تقدير تقاربه أو الطاقة الحرة للربط. يتمثل التحدي المتمثل في الالتحام الجزيئي في إيجاد طريقة فعالة ودقيقة لأداء كلتا الخطوتين ، حيث يوجد عادة العديد من الأوضاع المحتملة والعديد من العوامل التي تؤثر على الارتباط.
هناك أنواع مختلفة من طرق الالتحام الجزيئي ، اعتمادا على كيفية التعامل مع مرونة الارتباط مع البروتين ، وكيفية البحث عن الوضعيات ، وكيفية تسجيلها. بعض الأنواع الشائعة هي:
• الالتحام الصلب: تفترض هذه الطريقة أن كلا من المركب تحت الدراسة والبروتين صلبان ، ولا تأخذ في الاعتبار سوى حركاتهما الانتقالية والدورانية. هذه الطريقة سريعة ولكنها قد تفوت بعض الأوضاع المهمة بسبب إهمال المرونة.
• الالتحام المرن: تسمح هذه الطريقة بدرجة معينة من المرونة إما لمركب أو البروتين أو كليهما. يمكن لهذه الطريقة التقاط أوضاع أكثر واقعية ولكنها قد تكون مكلفة حسابيا وعرضة للحصول على وضعيات ذات درجات عالية من الدقة و لكن خاطئة بسبب زيادة التعقيد.
• الالتحام القائم على الشكل: تركز هذه الطريقة على تكامل الشكل بين المركب والبروتين ، دون النظر إلى خواصهما الكيميائية أو تفاعلاتهما. يمكن أن تكون هذه الطريقة مفيدة لفحص مكتبات كبيرة من المركبات ولكنها قد لا تكون قادرة على التمييز بين الأشكال المتشابهة ذات الصلات المختلفة.
• الالتحام القائم على الطاقة: تأخذ هذه الطريقة في الاعتبار كلا من شكل وطاقة المركب والبروتين ، باستخدام مجالات القوة المختلفة ووظائف التسجيل و الترتيب. يمكن أن توفر هذه الطريقة تنبؤات أكثر دقة ولكنها قد تتطلب معرفة مسبقة بكل من هيكل البروتين و المركب.
الالتحام الجزيئي له العديد من التطبيقات في اكتشاف الأدوية ، مثل:
• الفحص الافتراضي: هذه هي عملية فحص مجموعة كبيرة من المركبات ضد البروتين المستهدف ، باستخدام الالتحام الجزيئي لترتيبها حسب قوة ارتباطها بالموقع النشط على البروتين.
• تحسين جودة نتائج الالتحام الأولية: هذه هي عملية تحسين خصائص ارتباط المركبات ذات وضعيات الارتباط الجيدة ، مثل قوته ، وانتقائيته ، وقابليته للذوبان ، واستقراره ، وتوافره البيولوجي ، وما إلى ذلك ، باستخدام الالتحام الجزيئي لتوجيه تصميم نظائر أو تعديلات جديدة.
• تحليل العلاقة بين البنية الهيكلية والنشاط البيولوجي (SAR): هذه هي عملية دراسة كيفية تأثير التغيرات في بنية المركب على نشاطه أو ارتباطع مع البروتين المستهدف.
• تحليل موقع الربط: هذه هي عملية توصيف ميزات وتفاعلات موقع ربط البروتين ، باستخدام الالتحام الجزيئي لرسم خريطة لشكله وحجمه وتوزيع الشحنات و مدى كارهته للماء والنقاط الساخنة وما إلى ذلك.
يعد الالتحام الجزيئي أداة قوية لاكتشاف الأدوية ، ولكن له أيضا بعض القيود والتحديات. مثل:
• الدقة: تعتمد دقة الالتحام الجزيئي على العديد من العوامل ، مثل جودة هياكل المركبات و البروتينات المستخدمة ، واختيار طريقة الإلتحام ، ووظيفة التسجيل و ترتيب النتائج ، إلخ. قد لا يؤدي الالتحام الجزيئي دائما إلى إعادة إنتاج النتائج التجريبية أو التقاط جميع الأوضاع أو التفاعلات ذات الصلة. لذلك ، من المهم التحقق من صحة تنبؤات الالتحام الجزيئي وتحسينها باستخدام طرق أخرى ، مثل التجارب المعملية ، و المحاكاة الديناميكية ، وحسابات ميكانيكا الكم ، وما إلى ذلك.
• التعقيد: يزداد تعقيد الالتحام الجزيئي مع حجم ومرونة المركب والبروتين ، وكذلك مع عدد وتنوع المركبات المراد اختبارها. قد يواجه الالتحام الجزيئي تحديات حسابية مثل كفاءة أخذ العينات ، ومشاكل التقارب ، وما إلى ذلك. لذلك ، من المهم استخدام الأساليب والاستراتيجيات المناسبة لتقليل التعقيد وزيادة الكفاءة.
في الختام ، يعد الالتحام الجزيئي طريقة مفيدة ومتعددة الاستخدامات لاكتشاف الأدوية ، ولكنه يتطلب أيضا تطبيقا وتفسيرا دقيقا. يمكن أن يوفر الالتحام الجزيئي رؤى وفرضيات قيمة ، لكنه لا يمكن أن يحل محل التحقق التجريبي. الالتحام الجزيئي ليس إجابة نهائية ، ولكنه نقطة انطلاق لمزيد من التحقيق والاكتشاف.
المصادر:
- Bender, B. J., Gahbauer, S., Luttens, A., Lyu, J., Webb, C. M., Stein, R. M., Fink, E. A., Balius, T. E., Carlsson, J., Irwin, J. J., & Shoichet, B. K. (2021). A practical guide to large-scale docking. Nature Protocols, 16(11), 4799-48321
- Saikia, S., & Bordoloi, M. (2019). Molecular docking: challenges, advances and its use in drug discovery perspective. Current Drug Targets, 20(5), 501-521
- Singh, S., & Singh, R. (2021). A Review on Molecular Docking. International Journal of Pharmaceutical Sciences and Research, 12(5), 2474-2483